بين النحام الوردي والبشر:مشروع تنمية حضرية يثير الجدل في إحدى ضواحي العاصمة التونسية

The Greater Flamingo species feeding in Sebkhat Sijoumi, October 7, 2020. Photo by Hichem Azafzaf.

إذا أردت تعداد طيور النحام الوردي وهي تخوض في مياه سبخة السيجومي بحثا عن الطعام أو ترتكز بسيقانها في القاع بكل سكون، فما عليك سوى الاتجاه نحو الجنوب الغربي للسبخة، وبالذات نحو أرض فلاحية متاخمة للعاصمة تونس. تتّسع السبخة أحيانا لما يقارب ال33000 طائرا، ولكن عندما زرتها في إطار هذا المقال لم يكن فيها سوى 10000 طائر من هذه الطيور الوردية.

تهاجر طيور النحام الوردي في شهر سبتمبر من أوروبا (مثلا من منطقة كامارغ الفرنسية) إلى تونس لتقضيّ فصل الشتاء هنا وقد تصل في هجرتها هذه أحيانا حتى إلى تركيا. فقد تم مثلا رصد نحام وردي ثلاثيني في بحيرة الملح التركية وسط الأناضول بعد أن كان قد قضى فترة من الزمن في تونس وإيطاليا. وبما أن سرعة النحام الوردي قد تصل إلى 600 كيلومتر في الليلة الواحدة، فإن هذا يعني أن الطائر السريع يمكنه أن يكمل الرحلة بين تونس وإسطنبول في ثلاثة أيام باحتساب فترات الاستراحة.

تقول سمر الكيلاني، مديرة المشاريع في جمعية “أحباء الطيور” أن الهجرة بالنسبة لطيور النحام الوردي اختيارية، “فالبعض منها لديه الفضول لاستكشاف مناطق أخرى والبعض الآخر يميل إلى  الاستقرار في المكان الذي يروق له أكثر.”

يمتلك طائر النحام الوردي غدة تسمح له بإفراز الأملاح الزائدة من منخاره، لذا فهو يفضل المياه المالحة الضحلة على غرار سبخة السيجومي التي يرتادها بأعداد أكبر في فصل الشتاء.

The Northern Shoveler, a species of duck, is the most abundant species in Sebkhat Sijoumi during the winter months. Photo taken January 14, 2020 by Hichem Azafzaf.


وقد ازدادت شعبية سبخة السيجومي لدى الطيور في السنوات الأخيرة. إذ يتشارك النحام الوردي العيش فيها مع أكثر من 600 فصيلة أخرى. وحسب جمعية “أحباء الطيور” فإن السبخة احتضنت ما يناهز ال100000 طائر سنة 2019 وهو ما يمثل عشرة أضعاف العدد المسجل سنة 2003.

ولقد فرضت المشاريع التنموية على طائر النحام الوردي الازدحام في ما تبقى من المواقع الطبيعية في العاصمة. إذ أن عدد المناطق الرطبة المحيطة بالمدينة لا يتجاوز الثلاثة مناطق، ألا وهي سبخة السيجومي وبحيرة تونس وسبخة أريانة وهي كلها مسجلة في إتفاقية رامسار لحماية المناطق الرطبة ذات الأهمية العالمية وذلك بسبب تنوعها البيولوجي ودورها في الدورة البيولوجية المحلية. ولكن وحسب موقع اتفاقية رامسار، فإن هذه المناطق الثلاثة تقبع تحت ضغط متزايد منذ ثلاثين عاما وذلك بسبب الزحف العمراني.

تقول كلوديا فيلترب-الزفزف، مديرة جمعية “أحباء الطيور”: “منذ انطلاق الاستثمارات التنموية في بحيرة تونس، تقلصت المساحة الحيوية لطيور الفلامنجو وارتفع عددها في سبخة السيجومي. بالنسبة لهذه الطيور، تعتبر السبخة المنطقة الأكثر أمانا في الشتاء، وهي بدأت اليوم تأتي إليها للتعشيش.”

انطلقت الاستثمارات التجارية والمشاريع العقارية الضخمة في بحيرة تونس منذ التسعينات وسُوّق مشروع البحيرة آنذاك على أنه “مدينة خضراء” و”قرية مستدامة”. ولكن حسب موقع اتفاقية رامسار، فإن بحيرة تونس لم تستطع الحفاظ سوى على جزء ضئيل جدا من “قيمتها البيولوجية”.

واليوم تُسوّق الحكومة التونسية مشروعا تنمويا آخر في السيجومي معتمدة على نفس السياسة الدعائية القائلة بأن هذه المشاريع صديقة للبيئة، حتى أن بعض السياسيين والصحافيين قدموا مشروع السيجومي على أنه “البحيرة الجديدة”. ولكن بالنسبة لفيلترب-الزفزف، فإن هذا المشروع يهدد بجعل الحياة في السبخة مستحيلة بالنسبة للحيوانات البرية.

تقول فيلترب-الزفزف أن “أخطر ما في هذا المشروع هو تأثيره المتوقع على عمق المياه في السبخة”، مشددة على أن “لكل نوع من الطيور اختياراته الخاصة في ما يتعلق بعمق المياه. فطائر الفلامنجو مثلا يفضل أن لا يكون مستوى المياه تحت الركبتين. المطلوب هو أن تكون المياه ضحلة، لا ضحلة جدا. وذلك حتى تجد الطيور ما تأكله”.

السؤال المطروح هنا هو الآتي: أين سيذهب النحام الوردي إذا ارتفع منسوب المياه في سبخة السيجومي؟ لا يستطيع مراقبو الطيور الحسم في المسألة ولكنهم متأكدون أن تغيير مستوى المياه سيُعقّد الأمور كثيرا.

Noureddine Dridi, 54, mans the bird observatory set up on Sebkhat Sejoumi by AAO to promote education around conservation and to monitor illegal hunting and dumping around the site. Photo by Layli Foroudi on June 17, 2020.


نحام وردي للبيع

تزدان إحدى أسواق منطقة سيدي حسين بجدارية صارخة الألوان تحمل صورة طائر النحام الوردي. يقول صديقي أمين العلاقي وهو أصيل المنطقة ومرشدي في هذه الزيارة أنه كان يعتقد أن هذه الجدارية اشهار لبيع لحم النحام الوردي. وبما أننا سمعنا نفس النكتة في محل مجاور لبيع الثياب، فإنني أعتقد أن أمين كان على الأرجح يمزح معي.

 إذ أنني عندما سألت العربي، 37 سنة، عن رأيه في النحام الوردي، قال لي هو أيضا: “هل تريدين أن تجرّبيه؟ يقولون أن لحمه لذيذ.”

Watermelons on sale in Sidi Hassine market on June 20, 2020. Photo by Layli Foroudi.


النحام الوردي هو آخر اهتمامات العربي. سيّان عنده إن اصطيد هذا الطائر بهدف أكله أو إن نُفي خارج البلاد بسبب المشاريع التنموية، “فالأولوية ليست للطيور. المهم بالنسبة إليّ هو تعمير السبخة.”

أشرف العكرمي، 26 سنة، يوافقه الرأي. يقول لي العكرمي وهو يطوي القمصان ويرتبها على الرفوف: “هم يخافون على الطيور، وأنا أخاف على أختي ورضيعها الذي يبكي طوال الليل بسبب رائحة السبخة ولدغ البعوض”.

تكوّنت لدى متساكني الأحياء القريبة نظرة سلبية تجاه السبخة، وهذا طبيعي بحكم أن السبخة في الواقع قد تحولت إلى مكب نفايات. فبلدية حي سيدي حسين وهو حي شعبي مجاور للسبخة تصرف فيها مياه الصرف الصحي، وسكان الحي ذاتهم يلقون بفضلاتهم على ضفافها، كما أن بعض الشاحنات مجهولة الهوية ترمي فيها مخلفات البناء، مما أدى إلى ظهور تراكمات صلبة قلصت من مساحة السبخة.

يقول أسامة الهمامي وهو عضو منتخب في المجلس البلدي لسيدي حسين أن هذه الممارسات ليست مرخصة لها من طرف البلدية وأن “بعض أعوان البلدية قد أعطوا الضوء الأخضر لشركات المقاولات التي تقف وراء هذه الممارسات لأنهم يتعاملون معها.” ويتم كل هذا بصفة غير رسمية.

كما أكد الهمامي في ذات السياق أن الحكومة التونسية لا تعترض على هذه التصرفات لأنها تصب في مصلحة مقترحها القائم على ردم 700 هكتار من السبخة.

وأردف قائلا:”هم يغضون النظر عن هذه الممارسات، بل إنهم على الأرجح يساندونها لأنها تتفق مع رؤيتهم. فإن امتلأت السبخة بالفضلات، تكون بذلك عملية الردم قد تمت ولا رجوع بعدها إلى الوراء.” وأوضح الهمامي أن متساكني المنطقة لا يزالون ينتظرون استكمال التقرير الحكومي حول التأثير البيئي للمشروع.” وتابع قائلا: “وكما تشتمِّين، البيئة في سيدي حسين هي آخر اهتماماتهم”.

حي سيدي حسين ذاته لم يكن ليوجد لولا البناء العشوائي. ففي الثمانينات، ونظرا لحاجة عمال العاصمة إلى أراض منخفضة السعر، بدأت بعض المساكن في الظهور على حساب الأراضي الزراعية في المنطقة. وتم في نفس الفترة أيضا بناء أحياء أخرى مجاورة في محاولة للتحكم في النمو السكاني في العاصمة. ومن هذه الأحياء، حي 20 مارس، وهو مشروع مساكن اجتماعية لإعادة إسكان بعض عائلات المدينة العتيقة. ويؤكد الهمامي أنه لم يتم تحيين مخطط العاصمة لتوثيق تحول المنطقة من منطقة زراعية الى ضواحي مدنية حتى سنة 2010، هذا بالإضافة إلى ندرة المعلومات المتعلقة بالأراضي هناك. وعلى حسب تقدير الهمامي، عضو المجلس البلدي، فإنّ 1500 هكتار من أصل 4000 هكتار من الأراضي الزراعية في سيدي حسين قد تم البناء فيها دون رخصة.

A view of Sebkhat Sejoumi from a farm to the south west of the salt lake on June 17, 2020. Photo by Layli Foroudi.


ولئن مُنحت سيدي حسين صفة “البلدية” رسميّا منذ أوت 2004، إلا أن هذا القرار لم ينعكس إيجابيا على حياة متساكني المنطقة.

يقول بشير الرابحي، 35 سنة، وهو تاجر أثاث: “هم لم يقدموا لنا أي شيء. زرت حيا راقيا ورأيت كيف ينظفون الشوارع هناك وكيف يفرزون النفايات في منشآت خاصة. لماذا لا يفعلون نفس الشيء هنا؟”

في شهر جوان الماضي، غرق ثلاثة مراهقين في القنال الذي يعبر سيدي حسين في اتجاه الوطن القبلي. حسب الهمامي، عضو المجلس البلدي، وحسب الكثيرين من متساكني المنطقة، فإن الأطفال في هذه المرة، لم يقعوا في القنال لعدم وجود حواجز أمان، بل لأنهم قرروا أن يسبحوا في القنال بسبب حرارة الطقس يومها، لكن التيار جذبهم إلى الأسفل. وقد أثارت هذه الحادثة الأليمة غضب الكثيرين.

يقول الرابحي الذي يأمل أن تؤدي تهيئة السبخة إلى توفير المزيد من المرافق الترفيهية في المنطقة: “أريد متنزها ترفيهيا وفضاء للعب كرة القدم والسباحة. الناس هنا ليست لديهم مسابح.”

وقد تدخلت مجموعة من الشباب لملء هذا الفراغ، حيث قاموا ببناء ملعب كرة قدم مؤقت في  شهر ماي وقاموا بتنظيم دورات رغم فيروس الكورونا.

يقول سيف السليتي، 23 سنة، وهو مهندس مدني:” لقد بنينا الملعب بأنفسنا. فالحكومة لا تريد مساعدتنا. هناك موقع أثري في برج شاكير ولكنه تحول إلى مصب نفايات. أنا متأكد أنّ الفيروس القادم سيأتينا من هناك.”

ويضيف السليتي أنه اكتشف جمال الطيور وجمال الطبيعة عندما بدأ في ممارسة هواية التخييم. أسأله إن كان يُخيّم قرب السبخة فيضحك مذعورا: “طبعا لا! تواجد طيور الفلامنجو هناك غريب جدا. كلما رأيتها في السبخة تسائلت، كيف يمكنها التعايش مع تلك الرائحة؟”

السبخة هي المجتمع

ولئن ألَّب الجدلُ حول سبخة السيجومي البشرَ والطيورَ ضد بعضهم البعض، فإن رسام الكاريتير والكاتب الساخر المعروف باسمه المستعار “زاد” لا يزال يؤمن بأن هناك علاقة قرابة وطيدة بين التونسيين والنحام الوردي، فهو نفسه من سكان البحيرة الجنوبية، سبخة تونس الأخرى.

صرّح “زاد” لمشكال قائلا: “في الواقع، ليس هناك اختلاف كبير في طريقة التعامل مع المواطن وطريقة التعامل مع الحيوان. فالمواطن يُعامل كحيوان نحتقره.”

أصبح “زاد” رسام كاريكاتير عندما اقترحت الحكومة التونسية تحويل حيّه إلى مشروع استثماري فخم مموّل إماراتيّا، عندها قرر تطويع فنه وقلمه للذود عن النحام الوردي.

بالنسبة إليه: “يتنزَّل مشروع البحيرة الجنوبية في إطار محاولة النظام وقتها توطيد علاقته بالأنظمة الاستبدادية في المنطقة. فهو مشروع يُكرّس لثقافة البذخ ويخدم مصالح الحرفاء الأثرياء.”

ويضيف “زاد” الذي هو مهندس معماري في الأصل،”[لهذا السبب]، أرادوا تدمير موروثا طبيعيا.”


اعتبر “زاد” وقتها أن مشروع البحيرة الجنوبية يمثل هجوما مزدوجا على الطبيعة وعلى المواطن التونسي، وهو لا يزال إلى الآن يستخدم النحام الوردي كرمز في نقده الاجتماعي والسياسي.

ففي تصريحه لمشكال أكد “زاد” أنّ “البحيرة أصبحت استعارة للمدينة. فهم يتدخلون فيها دون التشاور مع الناس ويطردونهم من أراضيهم من أجل حماية أصحاب الامتيازات. السبخة أيضا استعارة للمجتمع التونسي.”

 ولكن “زاد” كان وحيدا في دفاعه عن النحام الوردي عام 2007، فقد هاجمه جيرانه وقتها بحجة أن تونس بحاجة إلى مزيد من الاستثمارات وأنها لا تمتلك رفاهية التفكير في البيئة.


يقول “زاد”: “تعتبر الضاحية الشمالية، أي المرسى وسيدي بوسعيد، الضاحية “الشيك”، أما الضاحية الجنوبية فهي مهملة تماما. لذا ظن الكثيرون أن ذلك المشروع فرصة لاعطاء الضاحية قيمتها. ما لم يفهمه جيراني وقتها أنهم لن يكونوا بالضرورة من المستفيدين.”

ولئن كانت قاعة العرض الرخامية لمشروع البحيرة الجنوبية لا تزال موجودة، فإن المستثمرين قد انسحبوا من المشروع قبل سنوات من ثورة 2011 ولم يحدث أي شيء منذ ذلك الحين. ولكن على الرغم من ذلك، فإن بعض ناشطي المجتمع المدني المهتمين بسبخة السيجومي لديهم اليوم نفس المخاوف التي عبر عنها “زاد” قبل سنوات.

حسب بيان الحقائق المكتوب بالانجليزية والذي نشره موقع حكومي رسمي، فإن مشروع تهيئة سبخة السيجومي القائم على الشراكة بين القطاعين الخاص والعام، تبلغ قيمته 330 مليون دينار. وبالنسبة لإيمان العبيدي، عضوة منظمة “أبناء الأرض” وهي منظمة تونسية تهتم بالبيئة والتنمية المجتمعية، فإن “هذا المشروع سيأتي بالتغيير، ولكنه سيخلق حالة من عدم المساواة. فالعِمارات التي ستُبنى هناك لن تكون لصالح متساكني سيدي حسين”.

كما لاحظت العبيدي أيضا أنه في السنوات الأخيرة صار هناك ضغط كبير على فلاحي المنطقة لبيع أراضيهم وأضافت قائلة: “أما في ما يخص التشغيل، فإنهم لم يصرحوا أبدا بعدد المتساكنين المحليين الذين سيتم تشغيلهم في المشروع. ليس هناك أي ضمانات على هذا الصعيد”.

انطلق مشروع السيجومي منذ 2005 ولكن العمل عليه تأخر. ومنذ فترة قصيرة أبدى مستثمرون فنلنديون اهتمامهم بالفكرة ولكن عند اتصالنا بهم، أعلمونا أنه لا يوجد شيء ملموس في الوقت الحالي. وقال كاري كاليالا مدير المشروع في وكالة “بيزنس فينلاند” التابعة للحكومة الفنلندية، أنهم قد أبلغوا وزارة التجهيز التونسية بأنه عليها “تعديل المشروع حتى يصبح أكثر صداقة للبيئة وأقل كلفة،” مضيفا أن نسق العمل على المشروع أصبح أكثر بطئا بسبب فيروس الكورونا.

وفي إطار التحضير لمشروع تهيئة سبخة السيجومي، أصدرت وزارة التجهيز دراسة لم تنشر بعد تم فيها التقليل من أهمية التنوع البيولوجي في السبخة، وذلك حسب منظمة “أبناء الأرض” التي أجرت دراسة خاصة بها بعد اطلاعها على تقرير الوزارة.

وتقول العبيدي التي قامت منظمتها بإحصاء أكثر من 100 فصيلة من النباتات وأكثر من 300 نوع من الحيوانات والحشرات، حتى النادر منها مثل البط أبيض الرأس والزقزاق الرمادي: “هم يقللون من القيمة البيولوجية للسبخة حتى يتسنى لهم القول بعد ذلك بأن المنطقة خالية من الحيوانات والنباتات وبالتالي بإمكاننا أن نفعل ما نشاء”.

أما فيلترب-الزفزف من جمعية “أحباء الطيور” فقد أكدت أنه في فترة حكومة يوسف الشاهد “كان هناك ضغط كبير على وزارة الفلاحة والبيئة لغض النظر”.

اتصلت مشكال بوزارة التجهيز ووكالة حماية البيئة في محاولة لمعرفة المزيد حول المشروع ولكننا لم نستطع التحصّل على أيّ مسؤول من الجهتين.

ويعتقد البعض من متساكني سيدي حسين أن المشروع بأسره مجرد خدعة انتخابية سرعان ما ترمى جانبا بعد أن تستهلك خلال الحملات الانتخابية.

بالنسبة لفطحلي، 26 سنة، مؤسس منظمة ” الائتلاف الشبابي بسيدي حسين” وهي منظمة محلية لتدريب الشباب فإن: “السياسيين يستعملون مشروع سبخة السيجومي مَطيّة عندما لا يجدون ما يتحدثون عنه”.

أمّا كريم ساسي الأربعينيّ الذي يعمل في “محل مشوي” في تقاطع طرق عند مدخل سيدي حسين، فهو لا يصدّق شيئا، بل إنه يأمل في أن يتّبع الطيور في هجرتها خارج البلاد.

Karim Sessi working at his barbecue stall at the entrance to Sidi Hassine, one of the neighborhood that borders Sebkhat Sejoumi, on June 20, 2020. Photo by Layli Foroudi.


ويؤكد كريم قائلا: “إن استطعت الرحيل فسأرحل. كل هذا كذب. السياسيون يحتفظون بالأموال في جيوبهم أما المواطنون فهم الذين يعانون. حتى طيور السبخة ليست طيورا حقيقية. إنها طيور مصبات تقتات على القمامة”.

في 2007 عندما بدأ “زاد” في التدوين، كان هو الوحيد الذي صنع من طائر النحام الوردي رمزا قارا في عمله الفني. ولكن الأمر لم يعد كذلك اليوم، فقد أصبح هذا الطائر الوردي المهاجر محل اهتمام بعض متساكني السبخة الآخرين. ومنهم فطحلي الذي اختار النحام الوردي رمزا لجمعيته. يرفض فطحلي من جهته “هذا الفصل بين الطبيعة والتنمية” ويقترح التسويق لسياحة جديدة تقوم على تثمين النحام الوردي، فبالنسبة إليه، “هذه السبخة هي جزء من تراثنا والنحام الوردي ثروة تميزنا”.