مخيم اللاجئين في تطاوين يثير قلق منظمات المجتمع المدني

لقطة شاشة لصورة من زيارة والي تطاوين عادل الورغي عدد من الإطارات الجهوية يوم 09 جانفي 2020 لمنطقة بير الفطناسية حيث سيتم تركيز مخيم اللاجئين.

أعلنت تونس عن تفعيل خطة طوارئ أمنية وإنسانية تحسبا لتدفق لاجئين محتملين من جارتها ليبيا ، بالتنسيق مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة  واليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية.

و بينما تسابق السلطات التونسية الزمن لإنشاء مخيّم للاجئين الوافدين من ليبيا، في بئر الفطناسيّة جنوب معتمدية رمادة في ولاية تطاوين، يبدي عدد من نشطاء المجتمع المدني قلقهم من أن يتحول المخيم إلى منصة دائمة لاحتواء المهاجرين مثيرين تساؤلات حول ظروف اختيار هذا الموقع.

اختيار غريب

و أكد المدوّن، م. ج. ، أن الرأي العام في مدينة رمادة يتخوف من أن مخيم بئر الفطناسيّة أكبر من مجرد ملجأ وقتي للفارين من المعارك المندلعة في ليبيا. و في سنة 2018، اقترح الاتحاد الأوروبي أن تستضيف الدول الإفريقية مراكز معاينة للاجئين الذين يسعون للذهاب إلى أوروبا، وهو اقتراح رفضه الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي حينذاك. و قد كثف مسؤولو خفر السواحل التونسيون احتجازهم للمهاجرين المتجهين إلى إيطاليا في السنوات الأخيرة.

وأضاف ذات المصدر، في تصريح لموقع مشكال ، أن الجهود التي تبذلها الإدارات المحلية لتأمين المياه للمخيم ، كان من الأجدى أن تقوم بها لتزويد المدينة بالماء الصالح للشراب والذي يشهد انقطاعا متكررا في رمادة خصوصا في فصل الصيف.

و يبعد مخيم بئر الفطناسيّة حوالي 27 كيلومترا عن مركز معتمدية رمادة و تم تركيزه في منطقة جدباء بمحاذاة بئر عموميّ.

وشدّد م ج ، و الذي يدير ” رمادة 24 ” ،وهي واحدة من أكثر صفحات الفايسبوك متابعة في المدينة 28 )   ألف معجب  ( ،  أن السلط الجهوية يجب أن تقدم ضمانات كافية لطمأنة الأهالي بأن مخيم بئر الفطناسيّة حل وقتي لإغاثة اللاجئين ولا نية لجعله منصة دائمة للمهاجرين.

ويفضّل م ج  حجب هويته الكاملة أثناء خوضه في المسائل العامة خصوصا أنه يقطن معتمدية لا يتجاوز عدد سكانها 6315 ساكنا حسب بيانات رسمية نشرها المعهد الوطني للإحصاء سنة 2014.

من جهته، أبرز عمر عبد القادر، المكلف بالعلاقات و التواصل في رابطة المواطنة و الحريات (منظمة حقوقية مستقلة تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات الأساسية) ، أن تخوف منظمات المجتمع المدني في تطاوين نابع من خشيتها من تحول المخيم الى مركز إيواء دائم للمهجرين والمبعدين وهو ما سيكون له آثار وخيمة ، حسب تعبيره.

واعتبر عبد القادر، في تصريح لموقع مشكال ، أن سيناريو سنة 2011 مازال في الأذهان بعد أن ألهب تدفق النازحين من ليبيا أسعار الإيجارات والسلع الاستهلاكية في ولاية تطاوين والمدن المجاورة بعد ارتفاع الطلب عليها.

ويتخوّف المكلف بالعلاقات و التواصل في رابطة المواطنة و الحريات من أن يؤدي ارتفاع عدد اللاجئين في الولاية إلى اختلال التوازن بين العرض والطلب والضغط على موارد الجهة.

ولم تكن المنظمات الوطنية والأحزاب السياسية أقل توجّسا من هذا المخيم ، حيث عبّر “المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية” ،  و هو منظمة حقوقية غير حكومية ، عن قلقه من “شح المعلومات حول مخطط إقامة مخيم بئر الفطناسيّة في ولاية تطاوين بالجنوب التونسي، خاصة فيما يتعلق بظروف اختيار الموقع ومدى ملائمته للشروط الدنيا الإنسانية و الإغاثية”.

في حين اعتبر القيادي بحزب ” حراك تونس الإرادة”، عماد الدايمي، أن  اختيار موقع المخيم  مثير للاستغراب لأنه يبعد 75 كم عن معبر الذهيبة – وازن الحدودي و185 كم عن معبر راس اجدير. في حين تبعد فقط 20 كم عن مطار رمادة.

وأضاف الدايمي، في تدوينة على حسابه بموقع فايسبوك، أنه جرت العادة أن يقع إقامة  المخيمات الإنسانية اما داخل البلد المعني بالحرب (أي ليبيا في هذه الحالة ) مع حماية أممية ومنطقة تحجير طيران وحرب. أو في بلد مجاور في منطقة قريبة من الحدود (كما حصل في 2011 عندما تم استقبال آلاف المبعدين القادمين من ليبيا في منطقة الشوشة التي تبعد 10كم على معبر راس اجدير).

و كشف الدايمي ، وهو نائب سابق بمجلس نواب الشعب، أن المعلومات الشحيحة التي يملكها تشير إلى  أن المخيم لن يكون وقتيا بالخيام وإنما سيكون في شكل أحياء من البناءات الخفيفة الثابتة بشكل يسمح بتواصل المخيم لسنوات طويلة.

و لم يقدم القيادي بحزب ” حراك تونس الإرادة ” تفاصيل إضافية حول مصدر المعلومات التي نشرها بصفحته على الفايسبوك.

تطمينات حكومية

و أكّد  والي تطاوين ، عادل الورغي ، أن معتمدية رمادة ستحتضن مخيما لتقديم الدعم اللوجستي للاجئين إلى غاية انفراج الأزمة في ليبيا.

وأوضح الوالي ، في تصريح خاص لموقع مشكال ، أن  المخيم سيكون وقتيا  معتبرا أن السلط الجهوية في تنسيق دائم  مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة.

وأبرز ذات المصدر أن معتمدية رمادة حققت اكتفاءها الذاتي من المياه منذ ثلاث سنوات بفضل تظافر جهود مختلف الإدارات ذات الصلة.

وأبدى السيد عادل الورغي تفهمه لتخوفات نشطاء المجتمع المدني منوها إلى أنه لا مجال لتحويل المخيم إلى منصة لتوطين المهاجرين بدليل أن نسق الأشغال مرتبط أساسا بتطوّر الأوضاع في ليبيا.