سجّلت نتائج الانتخابات التشريعية، التي جرت يوم 6 أكتوبر الماضي. في تونس، صعودًا لافتًا لائتلاف الكرامة، الذي نافس بقوة في معظم الدوائر الانتخابية.
و تمكّن الائتلاف من الحصول على 21 مقعدًا في البرلمان الجديد، وفق النتائج الأولية التي أعلنت عنها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ، ليحتل المرتبة الرابعة بعد كل من حركة النهضة وحزب قلب تونس والتيار الديمقراطي على التوالي.
و” ائتلاف الكرامة“ هو تحالف سياسي وانتخابي تونسي تشكَّل في فيفري الماضي، من قبل عدة شخصيات سياسية ومستقلة، إلى جانب أحزاب سياسية أخرى أهمّها حزب جبهة الإصلاح التونسي، والمؤتمر من أجل الجمهورية، وحزب العدالة والتنمية.
ويسعى “ائتلاف الكرامة“ » إلى توحيد القوى الثورية لتحقيق أهداف الثورة التونسية التي لم تكتمل بعد” حسب وصف مؤسسيه.
ويُعرف المحامي سيف الدين مخلوف، الناطق الرسمي بإسم الائتلاف، بالمرافعة عن المتهمين بقضايا الإرهاب ويصف البعض خطاباته و تصريحاته بالمتشدّدة.
وذاع صيت مخلوف مرشح ائتلاف الكرامة لانتخابات الرئاسة السابقة لأوانها، بعد أن احتل مرتبة متقدمة في انتخابات الرئاسة متقدما على شخصيات من الحجم الثقيل على غرار محمد عبو وعبير موسي والمهدي جمعة ، الأمر الذي جعل الأنظار تصوّب نحو هذا التحالف السياسي الناشئ.
وأحرز مخلوف ، البالغ من العمر44 عاما، على الماجستير في علوم الإجرام من كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس وهو محام منذ سنة 2009 ومرسم لدى الاستئناف منذ سنة 2011.
صعود صاروخي
و في ولاية تطاوين بالجنوب التونسي، التي يتصدّر شبابها معدلات البطالة على المستوى الوطني، لم يواجه الائتلاف المحافظ صعوبة تذكر لحجز إحدى المقاعد الأربع بعد أن جمع 3731 صوتا، خصوصا من الشباب.
و بدت بوادر الصعود بيّنة في تطاوين منذ الانتخابات الرئاسية في دورها الأول، حيث تصدر سيف الدين مخلوف نسب التصويت جهويّا متجاوزا عبد الفتاح مورو، مرشح حركة النهضة ، وهو ما رسّخ تواجد هذا التحالف السياسي بقوة في الولاية الحدوديّة.
وقال الشاب محمد الغفاري ، في تصريح لموقع “مشكال ” ، أنّه قدّم صوته للائتلاف لأنه ” ذو نفس ثوري ولا يمت بصلة للمنظومة القديمة.”
وأضاف الغفاري ، البالغ من العمر 20 عاما ، أن البرنامج الانتخابي لائتلاف الكرامة “صيغ بعناية ويتضمن أهدافا قابلة للتحقيق” ، حسب تعبيره.
و كشف محمد ، الذي قام بالتصويت للمرة الأولى في حياته، أنّه اتّخذ قرارا بالتصويت للائتلاف بعد أن حضر اجتماعا شعبيّا عقده سيف الدين مخلوف في تطاوين في أواخر حملته للانتخابات الرئاسية.
من جهتها، كشفت أماني بوجناح أنها قررت منح صوتها للائتلاف لأنه ” نجح في وقت وجيز في تجميع رموز التيار الثوري بمختلف انتماءاتهم الأيديولوجية في مشروع موحّد .”
وأبرزت أماني، البالغة من العمر 25 عاما، أنها صوتت لحزب حركة النهضة في انتخابات 2014، لكنها قرّرت منح ثقتها لحزب جديد ” أكثر التزاما بالخطّ الثوري”، حسب تعبيرها.
في حين أكد الشاب وسيم التيجاني ، ذو الثامنة والعشرين ربيعا، أن قرار تصويته لائتلاف الكرامة نابع من استيائه من “فشل الأحزاب الكبرى في تحسين ظروف عيش المواطنين”، حسب قوله.
وأكد وسيم ، في تصريح لموقع “مشكال ” ، أن معظم من استشارهم نصحوه بهذا التحالف الذي “ينقل نبض الشارع بكل أمانة ويبدوا خطابه سلسا وواضحا.”
و لم يسبق لوسيم التصويت خلافا لمحمد بن جديان، البالغ من العمر32 عاما، والذي يصوت للمرة الثالثة وانتخب في كل مرة حزبا جديدا.
ومنح محمد صوته لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية سنة 2011 ولنداء تونس سنة 2014 لكنه قرر التصويت لائتلاف الكرامة – رغم أنه لا يعرف حتى اسم رئيس قائمته – لأنه سمع أصداء طيبة عنه في محيطه العائلي.
و كشف المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي ، أن ائتلاف الكرامة قد استقطب قسما من قواعد حركة النهضة التي تآكلت شعبيتها بسبب تجربة الحكم.
وأضاف الجورشي ، في تصريح لموقع “مشكال”، أنّ خطاب هذا التحالف “أقل انفتاحا وبراغماتية من حركة النهضة وأوثق صلة بالفكر الديني وهو ما يفضله قسم محترم من الشباب في تونس.”
وشدّد الجورشي على أن ائتلاف الكرامة نفض الغبار عن “خطاب الثورة” الذي غاب خلال الفترة السابقة ما جعله يبدو أكثرها تمسكا بمبادئ الثورة ومكتسباتها.
و أعلن ”ائتلاف الكرامة“ التونسي، يوم الخميس الماضي، أنه تلقى دعوة رسمية من حزب حركة النهضة متصدر نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، للاجتماع من أجل الدخول في مشاورات لتشكيل حكومة ائتلافية.